المستقبل القصير للنفط هل ستضيّع أفريقيا وليبيا هذه الفرصة؟

في مؤتمر الطاقة الآسيوي الأخير في ماليزيا، قام المسؤولون التنفيذيون والخبراء من شركات النفط العالمية بمناقشة العرض والطلب المستقبليين للنفط ومتى سيحدث انتقال الطاقة. كان الإجماع هو أن الأسواق العالمية لا تزال متعطشة للنفط لمدة عقدين آخرين من الزمن على الأقل قبل أن يتولى سوق السيارات الكهربائية زمام الأمور في أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية. علمًا بأن الطلب الإجمالي على النفط في أوروبا والولايات المتحدة قد انخفض بمقدار 1.5 مليون برميل يوميًا مقارنةً بعام 2019.

ووفقًا لشركة ExxonMobil، سيرتفع الطلب الإجمالي على النفط على مدار الـ 25 عامًا القادمة بمقدار 15 مليون برميل يوميًا، وسيكون معظم هذا الطلب من آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية. وبالنسبة للغاز الطبيعي المُسال، سيأتي الطلب من الصين والهند وكوريا واليابان وفيتنام، وستنمو صادرات البلدان المنتجة، ولا سيما بلدان منطقة الخليج بحكم قربها الجغرافي من منطقة الاستهلاك في آسيا. ويُعزى معظم هذا النمو إلى النمو السكاني في جنوب شرق آسيا.

وكمثال آخر على حجم الطلب في آسيا، أعلنت مؤسسة النفط الهندية موخرًا عن خطط لبناء المزيد من مصافي النفط وزيادة طاقات التكرير بنسبة 20% على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

يتفق معظم الخبراء في المؤتمر على أن الطلب العالمي على النفط سيرتفع إلى 110 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2045، لكنه سينخفض بشكل كبير بعد ذلك. وبالنسبة لدولٍ مثل ليبيا والعديد من الدول الأفريقية المنتجة للنفط، والتي فاتتها فرص العقود الثلاثة الماضية لاستثمار عائداتها النفطية في بناء بلدانها، ستتاح فرصة أخيرة مرة أخرى قبل أن يصبح الطلب على النفط من قبل الدول الأوروبية وأمريكا شيئًا من الماضي.

سيتوجب على ليبيا، المتورطة في صراع اجتماعي سياسي لا ينتهي، التوصل إلى حل مبكر بعيدًا عن تهديدات إغلاق حقول النفط وتركيز طاقاتها على الاستفادة من هذه الفرصة الأخيرة. وباختصار، فإن أيام الطلب الكبير على النفط والإيرادات المتأتية منه على وشك الانتهاء. يجب على الليبيين أن يفهموا هذه الحقيقة وأن يعملوا على حل مشاكلهم بسرعة كبيرة من خلال الاستثمار في البنية التحتية غير الموجودة الآن والتي تشتد الحاجة إليها، مثل مياه الشرب وشبكة الصرف الصحي والمستشفيات والمرافق التعليمية للسكان المتزايدين، فضلاً عن الكثير من الأمور الأخرى.

 

عمرو سعيد الخَتّالي

باحث متخصص في صناديق الثروة السيادية والاقتصاد السياسي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا

 

Leave a Comment