الاقتصاد السياسي وصناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط وأفريقيا
ساهم الارتفاع المستمر في أسعار النفط في توفير فرصٍ لصناديق الثروة السيادية للقيام بمزيد من الاستثمارات. وبالنسبة لصناديق منطقة الشرق الأوسط وبعض الصناديق الأفريقية، كانت الأيام الستون الماضية حافلة بالعديد من النشاطات المتعلقة بالاستثمارات والتخصيصات الرأسمالية عبر العديد من القطاعات المتنوعة. أما على الصعيد العالمي، فقد كانت صناديق منطقة الخليج العربي سَبّاقة في عمليات الاستحواذ وتخصيص الأصول في المشاريع التي تركز على البيئة. وقد أظهرت هذه الصناديق روحًا قيادية قوية في الاستثمار على الصعيدين الدولي والمحلي.
إثيوبيا – شركة إثيوبيا القابضة للاستثمار (EIH): يقوم هذا الصندوق حديث الإنشاء بأولى خطواته الاستثمارية الخارجية من خلال شراء حصة حصة 30% من مشروع محطة نفط جديدة في ميناء داميرجوغ في جيبوتي. سيكلف المشروع الجديد 4 مليارات دولار أمريكي، وستقوم بتشييده شركة SOMAGEC المغربية المتخصصة في البنية التحتية للموانئ. وسوف يعود المشروع بالفائدة الاستراتيجية على كل من جيبوتي وإثيوبيا.
ليبيا – المؤسسة الليبية للاستثمار (LIA): في اجتماع لمديري الصناديق والشركات الفرعية في نوفمبر الماضي، أعلن رئيس مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار والمديرون التنفيذيون لشركة الاستثمار الخارجي عن الانتهاء من بياناتهم المالية السنوية المشتركة، ولكن لم يتم نشر أي منها لغرض إجراء المراجعة العامة. ولم تعلن المؤسسة الليبية للاستثمار عن القيام بأي استثمارات جديدة أو تصرفات في الأصول في عام 2022.
الغابون – صندوق الاستثمار الاستراتيجي الغابوني (FGIS): هذا الصندوق الذي تبلغ قيمته 2 مليار دولار أمريكي يُعَدُّ رياديًا في مجال الطاقة الخضراء ومصادر الطاقة المتجددة في أفريقيا. وقد أعلن الصندوق مؤخرًا عن إصدار سندات بقيمة 200 مليون دولار أمريكي، بوصفها أهم السندات الخضراء في أفريقيا، لتمويل وبناء محطات الطاقة الكهرومائية في البلاد.
نيجيريا:
صندوق الثروة بولاية لاغوس: أنشأت نيجيريا أول صندوق فرعي لصندوق الثروة السيادي النيجيري لغرض التركيز على تنمية لاغوس في خطة مدتها 30 عامًا لجعل الولاية مركزًا للاستثمار والتكنولوجيا في أفريقيا. وسيكون التركيز على البنية التحتية المحلية. وحتى الآن، ليس من الواضح مقدار الأموال الأولية التي سيحصل عليها الصندوق.
هيئة الثروة السيادية في نيجيريا (NSIA): طالب وزير المالية والميزانية والتخطيط النيجيري بزيادة ضخ رأس المال في صندوق البلاد الذي تبلغ قيمته 4 مليارات دولار أمريكي لمصلحة الأجيال القادمة مع عدم تجاهل احتياجات التنمية الحالية. كما يطالب الوزير بمزيد من الدعم الرأسمالي لمشاريع البنية التحتية المحلية.
موزمبيق: أعلن وزير المالية في موزمبيق، السيد ماكس تونيلا، عن خطط لإطلاق أول صندوق ثروة سيادية في البلاد لاستثمار عائدات جديدة تُقدّر بـ 95 مليار دولار أمريكي للسنوات الـ 25 المقبلة والمتأتّية من مبيعات الغاز الطبيعي المُسال. ومن المتوقع أن يحصل الصندوق على نصف عائدات الدولة من مبيعات الغاز لغرض الاستثمارات المحلية وباقي الأموال ستخصص لدعم ميزانية الحكومة خلال العقدين الأولين من مبيعات الغاز الطبيعي المُسال.
الولايات المتحدة الأمريكية – أفريقيا: في الآونة الأخيرة، وفي Woodrow Wilson International Center for Scholars بالعاصمة واشنطن، اجتمع أكثر من 60 مندوبًا من 18 بلد والعديد من الضيوف البارزين من أفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية والمنظمات الدولية لمناقشة الدور الذي يمكن أن تلعبه صناديق الثروة السيادية في أفريقيا في النمو الاقتصادي المحلي والإقليمي. وقد ركز المشاركون على الفرص المستقبلية والسياسات الأفضل وكيفية التعاون من أجل النهوض بأجندات صناديق الثروة السيادية وبناء اقتصاد أفريقي أفضل.
أفريقيا – منتدى أفريقيا للاستثمار: عامٌ استثنائيٌّ لهذه المنظمة الاستثمارية التي تركز على أفريقيا. كان موضوع اجتماع العام الحالي هو “بناء المرونة الاقتصادية من خلال الاستثمارات المستدامة”. ومع وضع ذلك الأمر في الاعتبار، تم إكمال أكثر من 63.8 مليار دولار أمريكي كان المستثمرون المؤسساتيون في جميع أنحاء العالم قد التزموا بتوفيرها. وقد اجتذب الاجتماع العديد من رؤساء الدول والمديرين التنفيذيين للاستثمار والمنظمات المالية الدولية من كافة أنحاء العالم. وكانت القطاعات المستهدفة هي البنية التحتية والزراعة والطاقة والتعليم والمشاريع التي تعزز الأعمال التجارية المملوكة للنساء. وصَرَّح رئيس مصرف التنمية الأفريقي، السيد أديسينا، أن الهدف من المنتدى هو اجتذاب الاستثمارات الخارجية المباشرة (FDI) وتعزيز مشاركة القطاع الخاص. ومنذ عام 2018، اجتذب المنتدى استثمارات تزيد عن 100 مليار دولار أمريكي.
سلطنة عمان – جهاز الاستثمار العماني (OIA): وفقًا لـ Bloomberg، يمتلك هذا الصندوق الآن 41.5 مليار دولار أمريكي من الأصول الخاضعة للإدارة موزعةً على 40 بلد، مع التركيز على العقارات واللوجستيات والتعدين والمشاريع الصناعية. وقد أعلن الصندوق عن متوسط عائد سنوي قدره 10.3% في مراجعته السنوية لعام 2021، حيث بلغ الجزء الأكبر من استثماراته 61% في السلطنة و17% في أمريكا الشمالية و9.3% في أوروبا الغربية و4.7% في آسيا والمحيط الهادئ. وعلى مدى عشر سنوات، وفي العامين الماضيين خصوصًا، لاحظتُ هذا الصندوق وهو يقوم بخطوات صغيرة ذات أثر كبير على المستوى الاستراتيجي وعلى مستوى فريقه التنفيذي. ومن خلال القيادة السياسية والرؤية الاقتصادية للسلطنة، أتوقع إنجازات عظيمة في مستقبل هذا الصندوق.
الولايات المتحدة الأمريكية – الإمارات العربية المتحدة: لتحقيق أهداف zero emissions بحلول عام 2050، قامت الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة بتوقيع شراكة استراتيجية لاستثمار 100 مليار دولار أمريكي في إنتاج 100 غيغا واط من الطاقة النظيفة على الصعيد العالمي بحلول عام 2035. كما تدعو الاتفاقية إلى دعم المشاريع التي تركز على البيئة في البلدان النامية والبلدان الآخذة بالنمو عن طريق المساعدة التقنية والمالية. واستنادًا إلى الاتفاقية نفسها، اتفقت الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة على إنتاج وقود نظيف لاستخدامه في النقل لمسافات طويلة مثل الشحن والطيران.
الإمارات العربية المتحدة: للوفاء بالتزامها بالانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن سلسلة من الاستثمارات على مدى العقد المقبل من شأنها أن تؤثر على البيئة بشكل إيجابي. وعلى مدى العقود الثلاثة المقبلة، سيتم الالتزام بمشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة بقيمة 163.5 مليار دولار أمريكي. وفي عام 2030، سيتم الانتهاء من أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم بقدرة 2 غيغا واط في أبو ظبي فضلاً عن تطوير محطة محمد بن راشد للطاقة الشمسية بقدرة 5 غيغا واط.
عمرو الخَتّالي
باحث في صناديق الثروة السيادية والاقتصاد السياسي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا