التجربة الصينية والاقتصاد الليبي والشرق الأوسط

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للصين من 1.2 تريليون دولار في عام 2000 إلى 17.8 تريليون دولار في عام 2023. وخلال نفس الفترة، انتقلت الصين من تمثيل ما يقرب من 5% من الناتج الصناعي العالمي في عام 1995 إلى حوالي 33% الآن. هذا النمو الهائل منح الحكومة والشعب الصيني القدرة على المنافسة مع عمالقة الصناعة والتكنولوجيا في العالم مثل أمريكا وأوروبا، وأتاح لهم الاستثمار في أحدث التقنيات والبنية التحتية، بالإضافة إلى توفير فرص عمل بأجور مرتفعة للعديد من السكان.

من أجل دعم هذا النمو، بنى الصينيون أكبر ميناء في العالم من حيث سعة الحمولة في مدينة يانغشان. وحتى اليوم، تحتل أكبر 9 موانئ في العالم مواقعها في آسيا، في حين يأتي أكبر ميناء في أمريكا، وهو ميناء لوس أنجلوس، في المرتبة 19 عالميًا.

دروس للشرق الأوسط وأفريقيا
تحتاج منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا إلى التعلم من التجربة الصينية في تحديث بنيتها التحتية المتهالكة، وبناء مدن تصنيع حديثة لتحقيق التنمية الصناعية والاكتفاء الذاتي في بعض الصناعات. هذا من شأنه إخراج شعوب هذه المناطق من الفقر، وتوفير فرص العمل، وتنمية الاقتصادات المحلية.

الوضع الاقتصادي الليبي
في ليبيا، لم يكن تنويع الاقتصاد أو خلق فرص عمل جيدة الأجر للخريجين الجدد ضمن أولويات أي حكومة خلال السنوات الاثنتي عشرة الماضية. يبدو أن وزراء الاقتصاد والمالية والعمل حاليًا أكثر ارتياحًا بتكرار نفس النهج الذي اتبعته ليبيا في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، عوضًا عن جلب المواهب الشابة لمواكبة النماذج الاقتصادية المتقدمة للقرن الحادي والعشرين.

مقترحات للنهوض الاقتصادي في ليبيا

بناء مدن صناعية وتكنولوجية حديثة:

-إنشاء مدن متكاملة بشبكات طرق جيدة وموانئ عميقة خارج المدن الرئيسية في الأقاليم الليبية.

-التركيز على المشاريع المستقبلية التي تقلل من البطالة الحالية وتساهم في تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي.

الاستفادة من الموقع الجغرافي المميز:

-قرب ليبيا من أوروبا والعديد من الدول الأفريقية يجعلها موقعًا استراتيجيًا لتطوير التجارة الإقليمية.

-بناء هذه المراكز الصناعية سيزيد من حجم التبادل التجاري ويوفر العملة الصعبة، مما يعزز الاستقرار الأمني.

الثورة الاقتصادية المطلوبة
ليبيا بحاجة إلى ثورة اقتصادية شاملة لتلبية احتياجات سكانها، بما في ذلك:

-توسيع الطبقة الوسطى وتقويتها.

-توفير فرص عمل برواتب عالية تضمن العيش بكرامة.

-التركيز على الشباب الذين يشكلون عصب الاقتصاد المستقبلي.

إذا تم اعتماد هذه الرؤية، فإن ليبيا ستتمكن من الانتقال إلى عصر اقتصادي جديد يعزز من مكانتها الإقليمية والدولية، ويرفع مستوى معيشة مواطنيها في القرن الحادي والعشرين.

Leave a Comment