بقلم: عمرو الختالي
باحث في الاقتصاد السياسي و صناديق الثروة السيادية
في عام 1780، غرس “جون آدامز” John Adams مفهوم “دولة القوانين لا دولة الأشخاص” في دستور ولاية ماساتشوستسMassachusetts. كانت كلماته تمثل قناعته الراسخة بأن الدول يجب أن تُبنى على أساس قوانين مكتوبة، ويجب أن يوافق عليها أولئك الذين سيُحكَمون، ولا يجوز تركها لدوافع مجموعة من الأشخاص أو لدوافع شخص واحد فقط لتقرير مصير الشعب والأمة. كان “جون آدامز” (1735-1826) فيلسوفًا سياسيًا، وأصبح الرئيس الثاني للولايات المتحدة الأمريكية للفترة من 1797 إلى 1801.
في عام 1787، أصبحت كلمات “آدامز” ودستور ولاية ماساتشوستس نموذجًا لدستور الولايات المتحدة الأمريكية الذي عُرف كواحد من أقدم الوثائق القانونية الأكثر شمولاً لدولة من دول العالم.
فالدساتير المصادَق عليها تمهد الطريق لتحقيق البناء المؤسساتي وحماية الحريات المدنية وبناء الدولة. كما تساهم الدساتير المكتوبة والمصادَق عليها في النمو الاقتصادي من خلال توفير الاستقرار والمساءلة والمصداقية.
وإلى جانب المواطنين المتفانين وحَسَني الإطّلاع، فإن المؤسسات الراسخة في البلاد تسهم في الحفاظ على دستور الدولة وحمايته. ولكي تنجو الدولة من أعمال التلاعب الذميمة التي يقوم بها عدد قليل من الأشخاص، يجب على المواطنين الصالحين أن يظلوا منخرطين في مؤسساتهم من أجل حماية المسار الديمقراطي في البلاد من السقوط في الفوضى على غرار ما حدث في أفغانستان وليبيا والعديد من الدول الأخرى.
ووفقًا للمعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية السويدي، فإن “الغالبية العظمى من الدساتير المعاصرة تَصِفُ المبادئ الأساسية للدولة وهياكل وعمليات الحكومة والحقوق الأساسية للمواطنين في قانونٍ أعلى لا يمكن تغييره من جانب واحد بواسطة إجراءات تشريعية عادية. وعادةً ما يُشار إلى هذا القانون الأعلى بكلمة دستور.” ويُعتبر الدستور المكتوب والمُصادَق عليه أسمى وأعلى من أي قوانين عادية وليس من السهل تغييره.
وفي حالة ليبيا، وفي ظل غياب مؤسسات قوية ومجتمع مدني واعٍ، فإنني أخشى ألا تنجو الانتخابات العامة المقترحة في البلاد من فساد وجشع قلة من الناس؛ في حين يمكن للدستور المُصادق عليه أن يوفر شيئًا من الاستقرار والنجاح للانتخابات حتى لو لم يكن ذلك بشكل كامل.